يقع معبد أبيدوس في قرية أبيدوس بمركز البلينا، محافظة سوهاج، حوالي 550 كم جنوبي القاهرة، ويعتبر من أقدس المعابد في مصر القديمة.
معبد أبيدوس يُطلق عليه "كعبة المصريين القدماء" نظرًا لمكانته الدينية العظيمة، حيث كان ملوك وأهالي مصر يحجون إليه.
يستغرق الوصول إليه بالقطار أكثر من 7 ساعات، يتميز المعبد بموقعه الجبلي المرتفع، ويحتوي على بئر مياه لا تجف، مما يثير تساؤلات ونظريات عديدة من قبل البعثات الأجنبية حول مصدر هذه المياه.
اظهار أخبار متعلقة
يضم المعبد الذي يطلق عليه عرابة أبيدوس أو العرابة المدفونة، أيضًا مكانًا للتحنيط، حيث كان يتم تحنيط المومياوات لمدة تتراوح بين 40 إلى 70 يومًا خلف المعبد، مما يعزز من أهميته التاريخية والدينية.
تعتبر أبيدوس من أغنى المواقع الأثرية في مصر، حيث أنها تحوي معبد الملك سيتي الأول، الذي يعد أحد أهم المعابد المصرية نظرًا إلى تخطيطه المعماري الفريد، وجمال نقوشه وروعة ألوانها، بالإضافة إلى احتوائه على عدد كبير من المناظر المتفردة.
معبد أبيدوس هو واحد من أهم المراكز الحضارية في التاريخ المصري القديم، ورغم مرور أكثر من 33 قرنًا، إلا أنه لا يزال يقف شامخًا، شاهدًا على الحياة في مصر القديمة وعلى قصة العشق الأبدي لإيزيس وأوزوريس. نال المعبد العديد من الألقاب، أشهرها "تا ور" أي الأرض العظيمة.
تاريخ عريق
يعود تاريخ بناء معبد أبيدوس إلى عهد الملك سيتي الأول من الأسرة التاسعة عشرة، الذي بدأ تشييده في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
أكمل ابنه الملك رمسيس الثاني بناء المعبد ونقوشه، ليصبح شاهداً على عظمة الحضارة المصرية القديمة.
يقع المعبد في مدينة أبيدوس، التي كانت عاصمة أقاليم مصر العليا في العصر الفرعوني، وسميت قديماً "آب جو".
اتخذ معبد أبيدوس شكل حرف L، على عكس المعابد الفرعونية المعتادة التي اتخذت شكل المستطيل.
مركز لعبادة أوزوريس
اشتهرت مدينة أبيدوس منذ فجر التاريخ بمكانتها الدينية المقدسة، حيث كانت مركزاً رئيسياً لعبادة الإله أوزوريس، إله البعث والحساب في الحياة الأخرى.
اظهار أخبار متعلقة
كان المصريون القدماء يحجون إلى أبيدوس ليبكوا حارس الحياة الأبدية.
نُقِش على جدران المعبد العديد من المشاهد التي تصور حياة أوزوريس وموته وبعثه.
العرابة المدفونة
بعد الوصول إلى سوهاج جنوبي القاهرة يبعد المعبد التاريخي العظيم حوالي 70 كيلومترًا عن مركز المحافظة، و12 كيلومترًا عن مدينة البلينا. كانت هذه المنطقة تُعرف بالعرابة المدفونة، لكونها كانت مدفونة تحت الرمال، مما ساعد في الحفاظ على تصميمها وآثارها. حتى اليوم، تغطي الرمال معظم آثارها التي لم تُستخرج أو تُكتشف بعد.
يقع المعبد على بعد سبعة كيلومترات من النيل جنوب منطقة أبيدوس، وكان الحجاج يصلون إليه قديما عبر قناة تخرج من النيل حتى جوار المعبد. في واجهة المعبد يوجد نص التكريس الذي يؤكد أن المعبد بدأه الملك سيتي الأول وأكمله الملك رمسيس الثاني.
الأهمية الدينية
منذ فجر التاريخ، اشتهرت أبيدوس بمكانتها الدينية المقدسة كمركز رئيسي لعبادة الإله أوزوريس، إله البعث والحساب في الحياة الأخرى.
كان المصريون القدماء يحجون إليها ليبكوا حارس الحياة الأبدية. الملك سيتي الأول، الذي كان يُلقب بالكاهن الأول للإله ست، لم يتمكن من إجبار المصريين على عبادة الإله ست، فاضطر لتغيير اسمه إلى "سيتي مرنبتاح" أي سيتي محبوب بتاح، ونقشه على جدران المعبد باسم أوزيري.
المعبد وأهميته التاريخية
يصف الخبير الأثري ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار، د.أحمد عامر، بأنه "يعد من أبرز المعابد المصرية القديمة شيده سيتي الأول، وكان يسمى بيت ملايين السنين للملك من ماعت رع، أكمل البناء رمسيس الثاني. بُني معظم المعبد من الحجر الجيري الأبيض، وأعمدته من الحجر الرملي. يتميز المعبد بتصميمه على شكل حرف L، بخلاف المعابد الفرعونية المعتادة على تصميم المستطيل".
وأوضح في حديثه لـ"عربي لايت": "يضم المعبد فناءين واسعين، في نهايتهما سلم يصل إلى قاعتين من الأعمدة. تحتوي القاعة الأولى على 24 عمودًا على شكل حزم البردي، بينما تحتوي القاعة الثانية على 36 عمودًا. تُزين هذه الأعمدة بنقوش من عصر سيتي الأول، وهي من أجمل ما صنعه المثال المصري القديم".
في المجمل بحسب المتخصص في علم المصريات: "يتميز المعبد بتخطيطه المعماري الفريد وجمال نقوشه وروعة ألوانه. تحتوي جدرانه على رسومات نادرة، مما أكسبه أهمية خاصة تاريخيًا. كانت أبيدوس مركزًا لعبادة المعبود "خنتي أمنتيو" قبل أن تصبح مركزًا رئيسيًا لعبادة "أوزير"، وتعتبر من أغنى المواقع الأثرية في مصر".
اظهار أخبار متعلقة
واختتم عامر حديثه بالقول إن "المعبد من أروع المعابد المسقوفة في العالم، تنتهي القاعة الثانية بسبع قاعات للصلاة، مخصصة للآلهة المختلفة، من بينها محراب أوزير الذي يؤدي إلى قاعة تضم ثالوث الآلهة أوزوريس وإيزيس وحورس. تحتوي قاعة الأعمدة الثانية على بوابتين تؤديان إلى مداخل وصالات تضم قائمة ملوك أبيدوس من الأسرة الأولى حتى الأسرة الـ19، عدا أسماء الملكة حتشبسوت وملوك عهد الإصلاح الديني مثل إخناتون وأبنائه".
قائمة ملوك أبيدوس
من أهم ما يميز معبد أبيدوس هو وجود قائمة ملوك أبيدوس، التي تُعرف أيضاً بقائمة العرابة.
تضم هذه القائمة أسماء 76 ملكاً من الأسرة الأولى وحتى الأسرة التاسعة عشرة بدءًا من الملك مينا موحد القطرين حتى الملك سيتي الأول.
تبدأ القائمة بمشهد لسيتي الأول يصحب ابنه رمسيس الثاني وهما يتلوان صلاة يدعوان فيها الآلهة بالرخاء.
يُعد معبد أبيدوس رمزاً خالداً للحضارة المصرية القديمة، وشاهداً على عبقرية المصريين القدماء في الهندسة والبناء والنقش.
لا يزال المعبد حتى يومنا هذا يحافظ على الكثير من روعته وجماله، ويُعد وجهة سياحية هامة لمحبي التاريخ والثقافة ويستمر في جذب الزوار والمستكشفين من جميع أنحاء العالم.