رمضان في غرب أفريقيا.. أجواء روحانية وعادات وتقاليد تجمع ألوان القارة (شاهد)

GettyImages-1210938520
جيتي
  • محمد ولد شينا
  • الأربعاء، 05-03-2025
  • 08:16 ص
تستقبل بلدان غرب أفريقيا شهر رمضان المبارك بأجواء روحانية مبهجة، حيث تشهد المساجد إقبالا واسعا، وتنشط الجمعيات الخيرية التي تنظم إفطارات للصائمين وعابري السبيل، وتقدم السلات الغذائية للعائلات الفقيرة والمعوزة؛ تجسيدا لروح التضامن والتكافل الاجتماعي.

تقام في غالبية المساجد ببلدان غرب أفريقيا طيلة شهر رمضان، حلقات ودروس في الفقه والحديث والسيرة النبوية، كما تكثر السهرات الرمضانية.

في نهار رمضان، تعم الكثير من المدن الغرب أفريقية حالة من السكون، حيث تقل الحركة في الشوارع، وتغلق المطاعم أبوابها، بينما تنشط الحركة مع ساعات المساء وحتى وقت السحور.

اظهار أخبار متعلقة




وتزدحم المدن الرئيسية ببلدان الغرب الأفريقي طيلة ليالي رمضان، حيث تكثر الزيارات وتنشط الحركة ليلا في الأسواق، بينما تختلف العادات والتقاليد من بلد لآخر.

وفي هذا التقرير، نرصد أجواء شهر رمضان المبارك بغرب أفريقيا وعادات وتقاليد شعوب هذه الدول خلال الشهر الكريم.

السنغال.. تنافس في إنشاد الابتهالات خلال رمضان

رمضان في السنغال زائرٌ يحتفى به، ويشتاق إليه، لذلك فإنهم يترقبون مجيئه، ويستعدون له بما يناسبه، فيما يتنافس أصحاب الأصوات الجميلة في إنشاد الابتهالات، وتقديم الموشحات، ورفع الأذان بأصواتهم العذبة.

في أول أيام شهر رمضان الحالي، أقام مسجد "مسالك الجنان" في العاصمة السنغالية داكار، إفطارا جماعيا استقبل آلاف الصائمين.

Embed from Getty Images

ويُعد مسجد "مسالك الجنان" المسجد الأكبر في غرب أفريقيا بسعة 30 ألف مُصلٍ، تم افتتاحه عام 2019، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد الذي يمزج بين العناصر العربية والأفريقية، مع مئذنة بارتفاع 60 مترا وقبة كبيرة، ومكتبة ومدرسة قرآنية ويستضيف العديد من الفعاليات الدينية والثقافية.

يمثل الدين الإسلامي الأغلبية في دولة السنغال بنسبة تصل إلى نحو 97% من السكان، وأغلبهم ينتمون إلى طرق صوفية، حيث تعد السنغال معقل الصوفية بأفريقيا.

تحرص جميع القوى السياسية السنغالية والأنظمة التي حكمت البلاد على مر العقود على إشراك مختلف المدارس الصوفية ورجالاتها في الشأن العام لما لهذه القوى من دور حيوي ومؤثر في حياة السنغاليين.

وتتنافس الطرق الصوفية في السنغال طيلة شهر رمضان في إقامة حلقات الذكر حيث تجمع مريديها في جلسات بمختلف مناطق البلاد.

ويحرص السنغاليون على إقامة المسابقات الدينية طوال رمضان، ويتعهد الأثرياء والميسورون بقيمة الجوائز للفائزين.

قبل وقت الإفطار بقليل تنشر في الطرقات بمدن السنغال مجموعات صغيرة، يقوم أفرادها بتجهيز الشاي وبعض الوجبات الخفيفة، حيث يقومون بتوزيعها على المسافرين والعابرين.

يقول سليمان صو، وهو مسؤول الجالية السنغالية في نواكشوط: "السنغاليون يستقبلون شهر رمضان بكل شوق واهتمام وترقب".

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "السنغال بلد جذوره ضاربة في الإسلام، ويحرص أهله على الاستعداد لرمضان، السنغاليون يحرصون على المكوث في المساجد لساعات طولية في رمضان، كما تنظم المحاضرات، ويتبادل الناس التهاني والزيارات".

اظهار أخبار متعلقة



يقول صو في حديثه لـ"عربي21" إن وجبة الإفطار الرئيسية في السنغال يطلق عليها "تيبوجن" وهي عبارة عن خليط من الأرز والسمك والخضروات، بالإضافة للحلوى وشراب "بساب".

تنافض إلى ذلك حلوى "لاخ" وهي نوع من الحلوى يُصنع من الدقيق المطبوخ مع اللبن والسمن والسكر، يتبعها جلسة شاي، ثم تناول بعض العصائر الأفريقية المميزة.

مالي.. استقبال رمضان بتفريش المساجد وتنظيف الساحات

وفي مالي، يستقبل السكان شهر رمضان المبارك بتفريش المساجد وتنظيف ساحاتها وتجهيز أماكن الوضوء.

يحرص الماليون طيلة الشهر الكريم على المكوث فترات طويلة في المساجد، فيما يقوم الأثرياء بإعداد وجبات من الأرز واللحم، وتوزيعها على المصلين بعد المغرب للإسهام في توفير الطعام للفقراء ولزيادة الإقبال على المساجد.

ويتنافس الماليون في الصدقات للمساكين والفقراء والغرباء، خلال رمضان.

Embed from Getty Images

وكغيرها من البلدان الغرب أفريقية تنشط خلال الشهر الكريم في مالي الجمعيات الخيرية التي تشرف على الإفطارات الجماعية في الساحات العامة وفي المساجد.

وتتصدر المائدة الرمضانية في مالي "الكابا"، وهي عبارة عن خليط من الأرز واللحم المشوي واللبن والشعير، بالإضافة لبعض الأطباق الأخرى المصنوعة من دقيق الدخن.

يشكل المسلمون قرابة 95% من إجمالي السكان في مالي، وتنتشر فيها أيضا مدارس صوفية متعددة.

ساحل العاج.. الاستعداد لرمضان من منتصف شعبان

يتهيأ المسلمون في ساحل العاج لاستقبال شهر رمضان الكريم منذ منتصف شهر شعبان، حيث يبادر السكان بتجهيز ساحات الإفطارات الجماعية، والاستعداد لشراء المستلزمات في رمضان.

يحرص المسلمون في ساحل العاج على تأكيد التضامن الاجتماعي فيما بينهم، حيث تنظم في المساجد حملات تبرع لجمع الأموال لشراء كميات من المواد الغذائية وتوزيعها على سكان الأحياء الشعبية والأسر الأقل دخلا.

Embed from Getty Images

كما يحرص العاجيون خلال شهر رمضان على الاجتماع حول جلسة إفطار واحدة كل يوم؛ وذلك في دلالة وتعبير مميز عن مشاعر التكافل والأُخوة والمساواة فيما بينهم.

وتشهد الأسواق في الأيام الأولى لشهر رمضان، ازدحاما شديدا لشراء مستلزمات رمضان.

وفي اليوم الأول من رمضان الحالي قال وزير التجارة سليمان دياراسوبا إنه "تم توفر مخزون من السلع الأساسية يكفي لثلاثة أشهر".

وشدد على التزام المتاجر بأسعار السقف المحددة للسكر والحليب والأرز والزيت ضمن إجراءات مكافحة غلاء المعيشة.

في ساحل العاج يمثل الحليب عنصرا غذائيا أساسيا خلال هذا الشهر، فضلا عن الأرز والزيت والسكر والبيض، وجميعها مواد يحرصون على اقتنائها بالجملة ويقومون بتخزينها، فيما تبتاع المواد الأخرى بشكل يومي، وفقا لميزانية كل أسرة.

تتفق التقديرات على أن المسلمين يشكلون أغلبية سكان ساحل العاج البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة.

غامبيا.. الصغار يؤمون الكبار

وعكسا لغالبية بلدان غرب أفريقيا، يؤم الصغار في الغالب صلاة التراويح، حيث يوجد مئات الشباب من حفظة كتاب الله يؤمون المصلين كبارا وصغارا في صلاة التراويح.

في رمضان تمتلئ المساجد في غامبيا بالمصلين من مختلف الأعمار والأجناس في أوقات صلاتي التراويح والتهجد، كما يقبل الغامبيون على حلقات تدريس وتحفيظ القرآن في البيوت والمساجد.

Embed from Getty Images

معظم مسلمي هذا البلد الغرب أفريقي، ينتمون للمذهب المالكي، وتنتشر مظاهر التدين في مختلف مناحي الحياة العامة كارتداء الحجاب، وحضور صلاة الجماعة في المساجد وانتشار مؤسسات التعليم الإسلامي.

وتمنع السلطات الغامبية طيلة شهر رمضان جميع مظاهر الحفلات التي تتخللها الموسيقى والرقص.

المخفي وحليب الفورة.. مائدة رمضان في النيجر

طيلة شهر رمضان المبارك تقام في النيجر حفلات لدى القبائل الكبرى مثل "الجوريا" و"الأمالا" و"الأيباما" فيما تتولى مجموعة تسمى "فرق الإيقاظ" مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور بالقرع على الطبول وتسمى "ميتادا موتانية".

وليتم تمييز الجماعات المكلفين بإيقاظ الصائمين للسحور في النيجر، يتم الاتفاق على طريقة بعينها للقرع على الطبل وتتميز طريقة قرع الطبول من منطقة لأخرى، كما يقوم الأطفال أيضا بالمشي بالأزقة مرتدين أزياء خاصة يرقصون ويرددون مدائح نبوية تعبيرا عن احتفالهم بالشهر.

Embed from Getty Images

لا يمكن لأي أسرة في النيجر أن تتناول وجبة الفطور وحدها، مهما بلغت درجة غناها أو فقرها، بل لا بد من دعوة بعض الضيوف لتناول وجبة الإفطار بجانب أفراد الأسرة.

من أشهر أطباق مائدة النيجر في رمضان، طبق "المخفي" المكون من خليط من القمح أو الأرز واللحم، إذ يعتبر من أشهر الأطباق النيجرية، وتتوافر على مائدة الغني والفقير، إلى جانب الـ"فيرماسا"، وهي نوع من الخبز يقدم على وجبة الإفطار، بالإضافة إلى "عصير الفورة"، المشهور لدى قبائل "الهوسا"، وهو مصنوع من الدخن والحليب.
شارك
التعليقات