وكانت تسمى القطائع والفسطاط، والمنصورية، والعسكر، ثم دخل الصقلي مصر بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في 6 تموز/ يوليو عام 969 الموافق 358هـ، وأسس عاصمة جديدة للخلافة الفاطمية وهي القاهرة.
تعد العاصمة الرابعة لمصر منذ الفتح الإسلامي (19هـ/ 640م)، بعد الفسطاط والعسكر والقطائع، وتأسست في الجهة الشمالية الشرقية من العاصمة السابقة، وشرع الصقلي في بناء جامع الأزهر عام (359 هـ/ 970م)، واستغرق البناء عامين، وأصبح أول مسجد جامع بالقاهرة والرابع لمصر الإسلامية.
يقول الشيخ محمد المحمدي، الذي يقطن بشارع المعز لدين الله إلى جوار أحد المحلات التي يمتلكها عن والده وجده، إن "القاهرة مستطيلة الشكل لها أربعة أضلاع، يتوسطها هذا الشارع العتيق أحد أجمل شوارع المدينة وأشهرها والذي يكتظ بالمساجد والمدارس والأسبلة والكتاتيب القديمة منذ مئات السنين، وهو أحد المزارات التاريخية والثقافية التي يقصدها السياح".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف لـ"عربي21 لايت": "تشتهر القاهرة بالكثير من الأبواب التاريخية الكبيرة والعملاقة وهي أبواب السور الذي كان يحيط بالمدينة لحمايتها، وبعض تلك الأبواب كانت فيها أبراج مرتفعة، وكانت توجد الأبواب في كل ضلع؛ مثل باب الفتوح وباب النصر، وباب البرقية وباب القراطين، وباب زويلة وباب الفرج، وباب القنطرة وباب سعادة، وكانت بمثابة حامية عسكرية".
وظلت مدينة الفسطاط عاصمة مصر حتى الحكم الأموي، وفي العصر العباسي تم تأسيس مدينة العسكر (750 م) وهي ثاني عواصم مصر الإسلامية، واستقل مؤسس الدولة الطولونية أحمد بن طولون (868/905م) بمصر لأول مرة في تاريخها والذي قام بدوره بتأسيس عاصمته الجديدة (القطائع) لتصبح ثالث عواصم مصر الإسلامية، ثم بنى الفاطميون القاهرة وأصبحت رابع عواصم البلاد.
اظهار أخبار متعلقة
ومنذ ذلك الوقت تتابعت الدول والإمارات والخلافات على حكم مصر مرورا بالدولة الأيوبية، ثم العصر المملوكي (دولة المماليك البحرية، دولة المماليك البرجية) ما بين عامي 1250و1517م، وازدهرت خلال تلك الحقبة القاهرة ازدهار كبيرا حيث كانت مقر الحكم والمنافسة، وشهدت بناء أعظم الجوامع والمدارس والخانقاوات والتكايا والوكالات والأسبلة والأبواب والحصون.
حقيقة عمر القاهرة
أحد المرشدين السياحين بصحبة فوج من دولة ماليزيا، ويدعى عماد، تطرق إلى عمر العاصمة المصرية، قائلا: "يتجاوز عمر القاهرة حقبة الفتح الإسلامي للمدينة، والبعض يعتقد أنه بدأ منذ عام 640 ميلادية مع الفتح الإسلامي، لكن الحقيقة أن عمرها الحقيقي يتجاوز العصور القبطية والرومانية والبيزنطية ويمتد إلى العصر الفرعوني القديم، حيث تعتبر من أقدم المدن التي مرت عليها حضارات حكمت العالم وأثرت فيه بشكل كبير، وبالتالي فهي مزيج من أعرق وأقدم الحضارات في العالم".
ويستدرك عماد في حديثه لـ"عربي21 لايت": "في محيط مدينة القاهرة الكبرى ضمت عاصمتها الفرعونية التي كانت تعرف باسم منف أو منفر أو ممفيس ويعود تاريخها إلى 3200 قبل الميلاد إبان حكم الملك نارمر، وكانت عاصمة البلاد في عصر الدولة القديمة، ومن ضواحي العاصمة مدينة الشمس أو أون بالهيروغليفية أو هليوبوليس بالإغريقية، وفي الجيزة توجد أعظم آثار العالم مثل الأهرامات الثلاثة وأبو الهول وغيرها من الآثار".
ومع مرور السنين واختلاف حكام مصر، اتسعت القاهرة وامتدت وأصبحت تشمل الفسطاط والعسكر والقطائع والقاهرة القديمة، وتداخلت كل تلك المدن في مدينة واحدة وأصبحت مثل نسيج واحد شاهدة على تاريخ مصر والعالم القديم والجديد.