تحتضن مصر بعض أقدم نسخ المصحف الشريف في العالم وتعود إلى عصور مختلفة باعتبارها أحد أهم الأمصار والعواصم الإسلامية والتي شهدت قيام أشهر الممالك في العالم منذ الفتح الإسلامي على يد الصحابي عمرو بن العاص في عهد الخليفة الثالث عمر بن الخطاب.
واحدة من أبرز هذه النسخ هي "مصحف عثمان"، وهو نسخة يعتقد أنها تعود إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفان الذي أمر بنسخ المصحف الشريف وتوزيعه على الأمصار الإسلامية. هذه النسخة محفوظة حالياً في دار القرآن الكريم بمركز مصر الإسلامي في العاصمة الإدارية الجديدة.
اظهار أخبار متعلقة
وتُحفظ هذه النسخ النادرة في متاحف ومكتبات مختلفة وتمثل شهادة على تاريخ كتابة القرآن الكريم وحفظه. ومن أشهر أقدم نسخ المصحف الشريف في مصر:
مصحف دار الإمام مالك، يُعدّ من أقدم نسخ القرآن الكريم في العالم، ويُعتقد أنه يعود إلى القرن الأول الهجري، يُحفظ في دار الإمام مالك بالقاهرة.
مصحف ابن مسعود، يُنسب إلى الصحابي عبد الله بن مسعود، ويُعتقد أنه من أقدم النسخ التي كُتبت بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يُحفظ في دار الكتب والوثائق المصرية بالقاهرة.
مصحف علي بن أبي طالب، يُنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب، ويُعتقد أنه من أقدم نسخ القرآن الكريم في العالم، يُحفظ في مسجد الحسين بالقاهرة.
مصحف جامع عمرو، يُعدّ من أقدم المصاحف في مصر، ويُعتقد أنه يعود إلى القرن الثالث الهجري، يُحفظ في جامع عمرو بن العاص بالقاهرة.
لكن هناك نسخ أخرى خاصة يحتفظ بها بعض الأهالي والشخصيات يعود بعضها إلى قرون خلت مثل نسخة مصحف "المتبولي" بقرية بركة الحاج شمال شرق القاهرة أو جب عمير، يعود تاريخها إلى عام 1028 هجري الموافق عام 1618 ميلادي.
التقت "عربي21 لايت" بحامل المصحف الشريف السيد محمود عبد الغفار الذي يحتفظ به في منزله، وأحضره إلى جامع المتبولي الشهير حيث عثر عليه أثناء عملية ترميم المسجد، والمصحف من الحجم الكبير وموجود في حافظة من الجلد قديمة وتمت كتابته بخط اليد في كتاب من الحجم الكبير.
تعود أصول سيدي إبراهيم المتبولي إلى قرية "متبول" بقطاع غزة - فلسطين، ولد 776هـ، وجاء مصر في عمر الـ23 عقب غزو التتار الشام 789هـ، في مستقره الأخير بقرية "بركة الحج" أصلح 50 فدانا "غيط المتبولي" للزراعة والنخيل والمواشي، ليصرف على الفقراء طالبي العلم وحفر ساقية باسم نبي الله شعيب "200م شرق مسجده".
وأضاف لـ"عربي21 لايت": "الواهب لهذا المصحف الحاج علي بن غنيم حميدة والحاج محمد بن إبراهيم بن علي الدمشقي، أوراقه من القطع الكبير، طول المصحف 40 سم والعرض 28 سم بارتفاع 7 سم ويزن 5 كيلوغرامات بدون الحافظة وتزن وحدها 5.750 كيلوغرام وهي من الجلد الطبيعي وعمرها من عمر المصحف الشريف"، لافتا إلى أن "هامش (حواشي) المصحف الشريف يحتوي على تفسير للقرآن الكريم ومعاني الكلمات وكتب أخرى".
وبشأن وجود النسخة الأثرية داخل القرية، أوضح عبد الغفار: "أنه كانت هناك محاولات من قبل جهات عديدة مثل الأوقاف والآثار لاستلام المصحف لكن أهالي القرية رفضوا ذلك بشكل قاطع، وأخرجوا المصحف من الجامع ودفعوا به إلى شخص من قبل إمام المسجد، وهناك ختمة مجزأة إلى 30 جزءا موجودة مع أحد أبناء القرية".
كنز لا يقدر بمال
وصف الموثق لتاريخ آثار بركة الحاج، صابر سعيد القاضي، المصحف المخطوط بأنه "الأثر المادي الوحيد المتبقي من آثار القرية التي كانت منذ العصور الأولى للإسلام واحدة من أهم محطات الحجاج في مصر وشمال وغرب أفريقيا لقرون طويلة".
مضيفا لـ"عربي21 لايت": "هذا المصحف كنز لا يقدر بمال تم الانتهاء من كتابته عام 1618 ميلادية، وهو ليس مجرد آيات قرآنية ومصحف يرتل بل يحتوي على تفسير للكتاب وأسباب النزول وعدد آيات السور وعدد كلمات السورة وعدد حروفها مكتوب بخط جيد وواضح وورق خاص مقوى".
لكن القاضي أشار إلى أن "المصحف تعرض لبعض الأضرار الطفيفة بسبب عوامل الزمن مثل الرطوبة والأمطار والأتربة والتنقل من مكان إلى مكان، ولكن الحافظة المصنوعة من الجلد الخالص ساعدت على حمايته وحفاظه على أغلب خصائصه".