سحر ليالي رمضان يكشف عن جمال القاهرة الأسطوري.. مدينة لا تنام

أجواء رمضان في مصر- جيتي
تزدحم شوارع القاهرة قبل الإفطار وبعده طوال أيام الأسبوع - جيتي
  • القاهرة- عربي21
  • الثلاثاء، 18-03-2025
  • 10:15 ص
في تموز/ يوليو 2022، نشرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا صورا من مدينة العاصمة المصرية قائلة: "القاهرة المدينة التي لا تنام أبدا، خلال الليل، في المدينة تنساب الموسيقى وتصدح الأغاني المختلفة وتُسمع أبواق السيارات".

وإذا كان الحديث الذي عبرت به زاخاروفا، وسبقها إليه كثير من السائحين، وعرضه فيلم تسجيلي بعنوان "القاهرة لا تنام"، عن أن القاهرة لا تنام، وأن ليل سكانها يستوي ونهارها، هو حديث مجازي يُعبر عن حالة المدينة العريقة إلا أن ليل القاهرة في رمضان يعد هو التطبيق الحقيقي لذلك المعنى بمدينة الألف مئذنة البالغة مساحتها 3084.676 كم2.

المدينة التي تكتظ شوارعها بعدد سيارات يبلغ نحو 2.6 مليون مركبة، ولا يخلو منها موطئ قدم من المارة، والباعة الجائلين، والزوار من ريف ودلتا مصر وصعيدها، وعشاقها من العرب والأجانب، وروادها من الأفارقة والسودانيين والسوريين، حتى موعد انطلاق مدفع الإفطار في رمضان، تحصل على استراحة لنحو نصف ساعة تسعيد شوارعها بعضا من الهدوء والسكينة حتى انتهاء أكثر من 22 مليون نسمة هم عدد سكان سادس أكبر مدن العالم سكانا لعام 2024، من إفطارهم الرمضاني.

بعدها ينطلق المصريون لإنهاء هدنة النصف ساعة منطلقين إلى الشوراع، فريق إلى المساجد لصلاة العشاء والتراويح، وفريق إلى المقاهي ينفخ دخان نرجيلته بعد يوم بلا سجائر أو دخان، وفريق إلى التسوق والشراء بمراكز التسوق والمولات والشوارع الشهيرة، وآخر إلى البحث عن فسحة أو متعة أو تمشية بعد يوم صيام، لكن الفريق الأكبر هو من ينطلقون إلى العمل.

اظهار أخبار متعلقة


ملايين المحال التجارية في جميع شوارع القاهرة صاحبة أكبر تجمع حضري في قارة إفريقيا والوطن العربي والشرق الأوسط، والتي تجمع من قديم التاريخ وأوسطه وحديثه، ومعاصره الكثير من المعالم الأثرية، والتاريخية، يرتاد المصريون والأجانب في ليل رمضان مناطقها الترفيهية وتلك التجارية، ومنها: خان الخليلي، والصاغة، والغورية، والعتبة، وسور الأزبكية، والإمام الشافعي، والموسكى، ووكالة البلح.

"سوق الكانتو"
وعقب إفطار يوم الأربعاء 12 شباط/ مارس الجاري، انطلقت "عربي لايت"، إلى منطقة "وكالة البلح" أو ما يطلق عليها "سوق الكانتو" ذلك الحي الشعبي الذي يبدأ قرب شارع رمسيس الشهير  وسط العاصمة ويمتد حتى حي بولاق أبو العلا وكورنيش نيل القاهرة، ولا يخلو منه موطء قدم من محل تجاري يبيع الملابس الجديدة والمستعملة أو مطعم شعبي يقدم المأكولات الشعبية من الكوارع ولحم الرأس والكرشة والمنبار والسمين، وغيرها من الأطعمة.

لامكان للسيارت تتحرك فيه من كثرة أعداد الباعة الجائلين الذي يغلب عليهم سمة الشباب، كل منهم يجر عجلة حديدية فوقها كومة من الملابس المستعملة التي تأتي من خارج مصر والمعروفة باسم "البالة"، يبحث كل منهم سريعا عن مكان يضع فيه بضاعته ويلاغي زبونه الذي بدأ يخرج إلى الشارع للبحث عن قطعة ملابس رخيصة الثمن وجيدة الخامة من السوق الأرخص في القاهرة.

وبينما يحمل بعضهم كوبا من الشاي، وينفخ آخر سيجارته، يقول بعض الباعة الشباب لـ"عربي لايت": "نفرش بضائعنا في رمضان عصر كل يوم، ثم نقوم بتخزينها قبل الإفطار الذي يكون على الأغلب إما في مائدة من موائد الرحمن أو في إحدى المطاعم الشعبية فلا وقت للعودة إلى البيت، ثم نعود سريعا لأمكاكننا بحثا عن الرزق والزبائن".

اظهار أخبار متعلقة


وفي حديثه لـ"عربي لايت"، قال أحد أصحاب المحال التجارية: "ليل رمضان لا ينتهي، ولا ننام إلا بعد صلاة الفجر، والحركة تبدأ بعد صلاة العشاء والتراويح وتستمر حتى السحور، وهو شهر رزق وبركة".

"مطاعم السمين"
وفي شارع جانبي لوكالة البلح، تبدو ترابيزات يتجمع حولها رجال ونساء وشباب وفتيات، ينتظرون دورهم في الحصول على "وجبة السمين" الدسمة التي تجد رواجا في المناطق الشعبية من القاهرة.

يقول أحد العاملين، لـ"عربي لايت": "الرزق في ليل رمضان يعوضنا عن نهار رمضان، حيث لا زبائن نهارا إلا الإخوة المسيحيين، وبعض المسافرين من محافظات أخرى قد يضطرون للإفطار"، مبينا أنه "يقدم وجبات لها زبونها من طواجن، ووجبات جاهزة، وكفتة، وكبدة، وسجق، وحواوشي، ومشكل، وفراخ"، مؤكدا أنها "تجذب أهالي القاهرة في ليل رمضان وخاصة وجبة السحور".

"سحور وسط البلد"
ومن شارع عبدالخالق ثروت، وسط القاهرة، آلاف المحال لا تغلق أبوابها إلا دقائق يفطر بداخلها فريق العمل ليواصلون مهامهم التي تمتد حتى السحور.

يقول بعض العاملين في محل ملابس شهير: "نفطر يوميا في المحل ولا نحصل على وجبة منزلية إلا يوم الأجازة الأسبوعية فقط، لأننا في موسم سنوي حيث أن منطقة وسط القاهرة تجذب الزبائن وتجذب الباحثين عن خروجة أو سهرة ليلية رمضانية، ولا نغلق المحال في ليالي رمضان إلا قرب السحور".

اظهار أخبار متعلقة


لا يخلو شارع مصري من مقهى شعبي يرتاده الأهالي من كبار السن للحصول على ما افتقدوه من مشروبات في نهار رمضان، ولمتابعة مباريات كرة القدم المحلية والدوري الإنجليزي ولاعب الكرة في ليفربول الإنجليزي محمد صلاح والمصري في مانشستر سيتي عمر مرموش.

ويجتمع الشباب والعائلات في الكافيهات والمولات حول سهرة رمضانية تنتهي على الأغلب بوجبة سحور رمضانية لا تخلو من طبق الفول والطعمية والفلافل والبطاطس بجميع أنواع تقديمها، إلى جانب المخللات والمشهيات من الطرشي والسلطات والطحينة".

هبة، صحفية مصرية تقول: "انتقلت عزومات رمضان من المنازل إلى المطاعم والمولات، ومن الإفطار إلى السحور، وبدلا من إرهاق ست البيت في الطبخ والتجهيز تتجمع بعض الأسر على الإفطار والسحور في الشارع"، ملمحة إلى أن "زملاء العمل والدراسة لا ينتهي رمضان حتى يتجمعون حول إفطار أو سحور يكون بمكان مفتوح في مناطق القاهرة القديمة أو وسط القاهرة".



وعلى الجانب الآخر، يقول أحد خطباء وزارة الأوقاف الشيخ شحاتة علي: "ما أجمل ليل رمضان القاهرة، بين صلاة التراويح وتجمع الأسر في المساجد، وبعدها يكون للكثير فرصة للاستمتاع بليل العاصمة".

اظهار أخبار متعلقة


لكنه يكشف عن تراجع اعتبره "مخيبا للآمال"، في عدد المصلين ومرتادي المساجد في صلاة التراويح وغيرها من الصلوات، موضحا أنه "قبل 10 سنوات كنا نقوم بإعداد فرش لخارج المسجد حيث كان المصلون يملأون المساجد ولا يجدون مكانا إلا أمام المسجد والشوارع المجاورة له، ولكن الآن صلاة العشاء عدة صفوف وصلاة التروايح تقل بنحو النصف".
شارك
التعليقات