ونشرت مجلة "التايم" الأمريكية مقالا للكاتب بيدرام نافاب، استعرض فيه جملة من الطرق التي من شأنها أن تساعد على التوقف عن التفكير الكارثي في وقت النوم.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الأفكار السلبية وغير المنطقية تؤثر سلبًا على نومنا؛ فبمجرد أن نذهب إلى الفراش، تغزو أذهاننا العديد من الأفكار التي تثير القلق مثل الأعمال التي يجب علينا إنهاؤها والقضايا المالية. ولأن النوم عملية انفرادية، فلدينا الكثير من الوقت للتفكير في مشاكلنا، والتفكير في جميع السيناريوهات المُحتملة بأنفسنا. وعليه؛ فلا تعد هذه المهمة شاقة فحسب، بل هي مهمة إشكالية: ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن نكون مسترخين، نحن نواجه هذه المشكلات بمفردنا، وفي حالة من اللاعقلانية، خاصةً إذا كنا محرومين من النوم.
وحسب الكاتب، تؤثر المعتقدات الخاطئة حول النوم أو غيره من الموضوعات سلبًا على نومنا، وفي حالة الاستثارة المفرطة (كما يحدث مع الأرق) أو الحرمان من النوم، يفكر العقل في أي شيء، سواء كان ذلك منطقيًا أو لا. ومن أكثر الأفكار غير المنطقية شيوعًا التي تحدث عندما نعاني من الأرق هي تأثيره علينا في اليوم التالي؛ حيث نشعر أننا لا نستطيع العمل بشكل مناسب، وهو الأمر الذي قد يؤثر على أدائنا، وقد تنتج عنه عواقب وخيمة، ما يجعل المخاوف تتسلل إلى قلوبنا، وهو ما يعرف عادة بـ"التفكير الكاري". ويمكننا مواجهة هذا التفكير اللاعقلاني من خلال تذكر عدد الحالات القليلة التي تحققت فيها مخاوفنا.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الكاتب أنه إذا ما كنت تعاني من الأرق معظم الليالي، وإذا ما أقنعت نفسك أن هذا الأمر من شأنه أن يعرضك لخطر شديد، فستكون نسبة حدوث هذه الأفكار السلبية على أرض الواقع عالية، ولكن يمكن لتدوين الأحداث التي تخشى وقوعها أن يكون فعالًا في مجابهة تلك الأفكار، لأنه إذا ما تكررت هذه الأفكار، فلن تسيطر عليك مثل أول مرة؛ لأن ما كنت تخشى وقوعه لم يحدث.
وأكد الكاتب أنه عن طريق تقييم أفكارك مع الأخذ في الاعتبار هذا الدليل الجديد، قد ترغب في تعديل أفكارك غير المنطقية الأولية، وإعادة صياغتها بطريقة واقعية؛ على سبيل المثال، إذا كان الفكر غير المنطقي هو أنك ستُطرد من العمل إذا لم تقدم أفضل ما لديك، فأعد صياغته بطريقة تتوافق مع ما حدث في الماضي في نوبات الأرق: "قد لا أؤدي أفضل ما لدي في العمل، وقد أكون سريع الانفعال، لكني سأجتاز هذا اليوم دون أن يتم طردي".
وأشار الكاتب إلى ضرورة دحض الأساطير الكاذبة المتعلقة بالنوم، مثل حاجة الشخص إلى ثماني ساعات من النوم، وهي فكرة يمكن أن تكون قد وجهت إدراك الأشخاص للنوم المثالي، وعدم قدرتهم على تحقيق ذلك، يجعلهم يشعرون بالأرق، كما أظهرت دراسة حديثة أجريت في كلية الطب بجامعة واشنطن أن الأشخاص لا يحتاجون سوى ست ساعات ونصف من النوم؛ حيث يكون الأداء المعرفي مستقرًا بمرور الوقت، كما أن الذهاب إلى الفراش مبكرًا قد يكون ضارًا؛ لأن عدم قدرتك على النوم في ذلك الوقت يجعل من الاتصال بين سريرك والنوم أقل قوة.
ووفقًا للكاتب، تُعد إطالة الوقت الذي تذهب فيه إلى الفراش، بحيث لا يمكنك فقط بناء دافع أكبر للنوم ولكن أيضًا لقطع الروابط بين أرقك وبيئة السرير أو غرفة النوم، الخيار الأنسب في هذه الحالة. وبالنظر إلى الدافع للنوم، قد ترى أن الليالي التي لم تنم فيها جيدًا أدت في الواقع إلى ليالٍ أفضل بعد ذلك، لأن هذا الدافع هو ما جعلك تنام بشكل طبيعي. وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع نسبة الأدينوزين- وهو مادة مهمة تحفز على النوم بشكل طبيعي- يمنع الاستيقاظ ويسبب النعاس. وبالتالي، يُعتبر الأدينوزين دواءً طبيعيًا للنوم ينتجه دماغنا لضمان نومنا إذا لم ننم لفترة من الوقت، وهو ما يخبرنا بأن نترك الأمور تأخذ مجراها بشكل طبيعي.
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الكاتب أن هناك طريقة أخرى مفيدة بشكل متزايد، ولكن يصعب فهمها عندما يتعلق الأمر بالأرق، ألا وهي مواجهة الكارثة بدفعها إلى أقصى حدودها؛ فعندما تبدأ في القلق، حاول أن تتبع شعار "اللا مبالاة"، إلى أن تجد السلام في مخاوفك. بعبارة أخرى، إذا ما اعتقدت بالفعل أنك فشلت، فلن يتبقى لديك شيء لتخسره، وهو نهج يدفع الكارثة إلى درجة قصوى، لدرجة أنه عندما يحين وقت القلق، تكون قد واجهت بالفعل أسوأ السيناريوهات وتصالحت معها.
واختتمت الكاتب مقاله قائلًا، إن معظم الناس يجدون صعوبة في تخيل الفوضى تسيطر على حياتهم، وهو ما يجعلهم يحاولون تجنبها بشدة. ولكن عندما تكون قد انتهيت بالفعل من هذا الأمر، قم باستخدامه لصالحك، وهو ما أكده الفيلسوف والكاتب الصيني لاو تزو ذات مرة، قائلا: "عندما أتخلى ما أنا عليه، أصبح ما قد أكون".