بالصور | المصريون يودعون حيوانات "حديقة الجيزة" بعد قرار إغلاقها

ودع المصريون حديقتي الحيوان والأورمان بالجيزة، أقدم حدائق مصر والمنطقة، بعد أن تقرر إغلاقهما، للمرة الأولى، لنحو عام ونصف العام؛ من أجل بدء أعمال التطوير.

وكانت الحكومة المصرية قد أسندت مشروع التطوير إلى تحالف ثلاثي ضم شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية، وشركة أبناء سيناء للتشييد والبناء، المملوكة لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، وشركة الأهلي فاروس التابعة للبنك الأهلي المصري، بتكلفة تقدر بنحو 33 مليون دولار.

اظهار أخبار متعلقة

ويستعين التحالف بشركتي برنارد هاريسون Bernard Harrison and Friends، إحدى كبرى مؤسسات استشارات تصميم الحياة البرية والسياحة البيئية في العالم، بالإضافة إلى شركة Worldwide Zoo Consultants العالمية ورائدة في إنشاء وتطوير وإدارة المشاريع الحيوانية المتخصصة، ومقرها دولة الإمارات، كما ستوكل لها مسؤولية تدريب العمالة على رعاية الحيوانات.

وبعد الانتهاء من أعمال التجديد والتطوير للحديقتين التاريخيتين في قلب الجيزة بالقرب من نهر النيل، لن تعود مرة أخرى إلى وزارة الزراعة، بل إلى التحالف الثلاثي الذي سوف يديرها لمدة 25 عاما، ما أثار مخاوف من خصخصة الحديقتين، المتنفس الأكبر لسكان واحدة من أكبر العواصم في العالم.



وحديقة الحيوان بالجيزة هي أول وأقدم حديقة حيوان في أفريقيا والشرق الأوسط، ومن أقدمها على مستوى العالم أنشأها الخديوي إسماعيل وافتتحها ابنه الخديوي توفيق عام 1891، سُميت "جوهرة التاج" لحدائق حيوان في أفريقيا، وأقيمت على مساحة 80 فدانا، وبدأت بعرض أزهار ونباتات مستوردة غير موجودة في الطبيعة المصرية.

 أما حديقة الأورمان، فقد أُنشئت عام على مساحة نحو 95 فدانا في عام 1875؛ لتحل محل حديقة الفاكهة التي كانت قد أُنشئت عام 1873 من أجل إمداد القصور الملكية بالأشتال؛ حيث احتوت على 100 ألف شتلة ليمون وبرتقال ويوسفي، فأُطلق عليها اسم "حديقة الليمون".

هل نعود للحديقة؟

وقبل إغلاق حديقة الحيوان بأيام، ازداد الإقبال على زيارتها، وتجولت بها "عربي21"، والتقت أسرة مصرية مكونة من خمسة أفراد، الأبوان و3 أبناء، هم ولدان وبنت أكبرهم في الحادية عشر من عمره وأصغرهم في السادسة، كانوا بخطوات هادئة في الحديقة مترامية الأطراف.

اظهار أخبار متعلقة

 ووقفت الأسرة خلف سياج يحيط بحديقة بعض الأيائل، وسمح الحارس للأطفال بإطعام بعضها شيئا من خضار بعصا طويلة، وسط انبهار وفرحة الحضور، يقول الوالد ويدعى حسين: "لا توجد فرحة تعادل رؤية تلك الحيوانات المبهرة وإطعامها، نأتي إلى هنا في الأعياد والمناسبات الخاصة، ونستقل أكثر من حافلة للوصول إلى هنا والاستماع مع الأسرة".





لكنه أعرب عن قلقه من إغلاق الحديقة للتطوير، مضيفا لـ"عربي21 لايت": "شعرنا بالحزن والأسى بعد قرار إغلاق الحديقة من أجل أعمال التطوير والتجديد، ولا نعلم كم سوف يستغرق الوقت، سوف نفتقد هذه الحديقة كثيرا، ومن الصعب أن نجد ما يناظرها بنفس السعر".

 وتابع الرجل الأربعيني: "ندفع خمس جنيهات فقط رسم دخول، ونجلب معنا الشراب والطعام، أخاف ألّا أستطيع أنا والأولاد الدخول مرة أخرى بعد تسليم الحديقة لشركات خاصة.. كم سوف يكون سعر التذكرة؟ لا أحد يعلم قد يصل سعر التذكرة الواحدة، أو قيمة تذاكر الأسرة جميعا بطعامها وشرابها، وبالطبع لن يسمح لنا بإدخال المياه أو الطعام، كل شيء سوف يصبح بأسعار سياحية، أشعر أنها المرة الأخيرة التي سوف نرى فيها الحديقة، سنقضي اليوم كاملا هنا".

وبدأ الحديث عن تطوير حديقة الحيوان بالجيزة مطلع العام الجاري في إطار تطوير الأصول المملوكة للدولة من حدائق ومتنزهات بالاستعانة بالقطاع الخاص والخبرات الأجنبية، بما يضاهي قيمتها التاريخية والأثرية، مع التعهد بالحفاظ على الطابع التاريخي والفني المميز لتلك الحدائق.

حديقة تاريخية بخدمات متواضعة

يقول أحد الموظفين الذين يراقبون سلوك الزوار: "أعمل هنا منذ 30 عاما، وتستقبل الحديقة يوميا آلاف الزوار من العاصمة القاهرة الكبرى التي تضم محافظات القاهرة والجيزة وحلوان والقليوبية، والمحافظات المجاورة خاصة شمال الصعيد ومحافظات الدلتا الأقرب للقاهرة".

واستقبلت الحديقة نحو 250 ألف زائر خلال احتفالات عيد الأضحى الماضي، فيما يصل عدد زوارها سنويا نحو مليوني زائر، وفق تقديرات غير رسمية.

 وأعرب في حديثه لـ"عربي21 لايت" أمله في أن "يخدم التطوير الحديقة والعاملين بها والزائرين من أجل تحسين مستوى الخدمة، والاهتمام بأنواع الحيوانات، وتوفير أساليب جديدة للترفيه والتنزه داخل الحديقة المعمرة التي تزخر بآلاف الأشجار والنباتات والطيور والحيوانات القديمة والمهمة".






مثلها مثل بعض وجهات المواطنين البسطاء والطبقة الوسطى واجهت حديقة الحيوان مشاكل وأزمات في إدارتها بشكل ملائم، والحفاظ على تنوع الحيوانات الموجودة؛ بسبب ضعف الموارد المالية، ولا تتجاوز تذكرة الدخول 5 جنيهات للمواطنين (16 سنتا أمريكيا).

 في عام 2013 رفعت وزارة المالية يدها عن حديقة الحيوان التابعة لوزارة الزراعة، ورفضت تحمل تكلفة استيراد الحيوانات من الخارج، ما دفعهم لاعتماد نظام المبادلة سواء مع حدائق الحيوانات الرسمية أو الخاصة، وهو ما واجه صعوبات نتيجة لارتفاع السعر التقديري للحيوانات وعدم وجود موارد كافية ضمن موازنة الوزارة للاستيراد، بحسب مواقع محلية.

أجمل حدائق المنطقة

وتعتبر حديقتا الجيزة للحيوانات، والأورمان من أجمل الحدائق في المنطقة وتضم حديقة الحيوان أنواع وفصائل متنوعة من الحيوانات والأشجار والنباتات النادرة، وتضم بحيرات وشلالات متعددة وجسور قديمة تاريخية وأكثر ما يميزها احتوائها على خمس جبلايات ذات رونق خلاب يعود بعضها إلى أكثر من 150 عاما مثل قلعة الجبلاية الملكية، أو جبلاية القلعة تم تشييدها عام 1867.

اظهار أخبار متعلقة

وصممت الجبلايات من صخور مرجانية من البحر الأحمر، وأخشاب وأحجار صحراوية، وتضم مجموعة من التماثيل للديناصورات المنقرضة والتماسيح والطيور إضافة إلى مجموعة من مساقط المياه والبرك والمجاري المائية والمماشي المغطاة بالنباتات، وتتميز بوجود مجموعة كبيرة من المغارات والكهوف.





 من أكثر الأشياء اللافتة للأنظار، هو الكوبري المعلق أو الهزاز الذي بناه المهندس الفرنسي الشهير "جوستاف إيفل" عام 1879م، ويتكون من أرضية خشبية ومحمل من كل جانب بأسلاك من الصلب، والكوبري يهتز عند السير عليه، وكان يربط بين قصر الخديوي وقصر الحريم في منطقة القصور الخديوية بالجيزة، وتم الانتهاء من الجسر المعلق قبل إنشاء برج "إيفل" بأكثر من عشر سنوات وذلك عندما كانت الحديقة جزءًا من سراي الجيزة وقبل افتتاح الحديقة.

وبشأن مصير الحيوانات والطيور في الحديقة، أوضحت وزارة الزراعة المصرية أنها ستبقى في الحديقة خلال فترة التطوير مع استمرار تلقي الرعاية البيطرية والغذائية المطلوبة، تحت إشراف هيئة الخدمات البيطرية وإدارة الحديقة التابعتين لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حيث تتم خطة التطوير على عدة مراحل ووفق برنامج زمني محدد.