مبادرة شبابية من رسامين ومصورين لتوثيق آثار القاهرة التاريخية قبل إزالتها (شاهد)

378121051_615133914145707_5649125496233767345_n
مشاركة واسعة في المبادرة (الصفحة الرسمية لرسم مصر)
  • محمد أحمد
  • الأحد، 17-09-2023
  • 01:38 م
 نجحت مبادرة تحمل اسم "رسم مصر" والتي تعنى بفنون وتاريخ وآثار مصر من خلال توثيقها بالرسم والتصوير من مجموعة من الرسامين والفنانين الشباب على مستوى الجمهورية، في جذب اهتمام الشارع المصري وخاصة المهتمين بتراث وآثار البلد المترامية الأطراف في القاهرة التاريخية التي تحظى بتنوع ثقافي وتاريخي كبير.

وحظيت دعوتها على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لحضور جولة رسم مصر بمقابر الإمام الشافعي تحت اسم (طالع إزالة)، باستجابة واسعة من قبل عدد كبير من محبي الرسم والتصوير الشباب

وقال القائمون على المبادرة إن الحضور كان "أسطوريا بمقابر الإمام الشافعي لتوثيقها قبل التفكيك، رغم حرارة الجو".



وتزامن الزخم الذي أحدثته المبادرة الشبابية مع استمرار أعمال الإزالة التي طالت عددا من مقابر بعض الشخصيات التاريخية والإسلامية والثقافية، من أمثال: شيخ القراء الإمام ورش، والشاعرين حافظ إبراهيم ومحمود البارودي، وقبة إسماعيل صدقي باشا ومقبرة شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى.

 هدف مبادرة رسم مصر

قال أحد القائمين على المبادرة، فضل عدم ذكر اسمه، إن "المبادرة ليست حديثة، ولا علاقة لها بأعمال الهدم والإزالة التي تجرى في بعض المناطق، والمبادرة قائمة منذ عدة سنوات، وليست ضد أحد، وتنشر أعمالها باستمرار، وتشمل كل نواحي مصر وليس القاهرة فقط".

واعتبر في تصريحات لـ"عربي21 لايت" حالة الزخم التي صاحبت الجولة "بمثابة إعلان عن حب غامر لتاريخ وآثار هذا البلد الذي يزخر بآثار على مر العصور، ونجحت القاهرة في صهرها جميعا في لوحة فنية متجانسة، وهي فرصة للشباب للتعرف عليها وتصويرها ورسمها وتوثيقها".

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت قبل عامين عن عزمها البدء في تطوير جنوب شرق القاهرة ومد طرق وجسور عليها والتي تضم مقابر الإمام الشافعي والسيدة زينب التي تمتد لعدة كيلومترات، وتحتوي على مقابر وجبانات والكثير من المقامات التي تعود إلى قرون وعقود عديدة.

اظهار أخبار متعلقة


  واستلزمت عملية التطوير خلال تلك الفترة هدم الكثير من المقابر التي تقع في مسار تلك الطرق والجسور، ما أثار انتقادات كثيرة بسبب التعدي على حرمة المقابر، والتعدي على الكثير من الطُرُز المعمارية الفريدة التي تعود لشخصيات مصرية وعربية وإسلامية شهيرة.

 هناك فرق بين المباني الأثرية والمباني ذات الطراز المعماري المميز، الأولى هي مباني أثرية تاريخية تجاوزت الـ100 عام على الأقل ومحمية بموجب القانون رقم 117 لعام 1983، أما الثانية فيحكمها القانون 144 لسنة 2006 الذي يعنى بالحفاظ على المباني المميزة معماريا.



بدوره، أعرب أحد الشباب الرسامين المشاركين بالجولة من محافظة القاهرة، ويدعى أحمد جلال، في السنة الأخيرة بكلية التربية الفنية، عن سعادته للاشتراك في تلك الجولة، وقال: "وفرت الجولة أجواء جديدة ومميزة، وبعثت في المجموعة الروح للتعرف على آثار بلدنا، وهي جولات في تاريخ الآباء والأجداد القريبين منا".

وأكد في حديثه لـ"عربي21 لايت" أن "المبادرة مجانية، ولا تستهدف الربح، ولا تمولها أي جهة، ويجمع حب الوطن الشباب الذين يقومون بجولات في الأماكن التراثية والفنية والتاريخية والأثرية ونستمتع بشرح بعض المتخصصين لقيمة تلك الآثار والمعالم والرموز التي عاشت وأثرت الحياة المصرية والإسلامية بشكل لا يقبل الشك".



 دور المجتمع المدني بأهمية التراث والآثار

وحظيت جولة "طالع إزالة" بإشادة ومباركة قطاع واسع من النشطاء والمثقفين والأثريين، وقال الباحث بالتراث المعماري، الدكتور مصطفى الصادق، إن "مثل تلك المبادرات تلعب دورا مهما في تعريف الشباب بأهمية وقيمة آثارهم وتراثهم المميز المنتشر في كل مكان وخاصة في القاهرة، وهذا يؤكد على دور المجتمع المدني في توعية الناس ولا بأس من أن تحظى باهتمام الدولة".

واعتبر في حديثه لـ"عربي21 لايت" أن "من المهم جدا أن يطلع الناس وخاصة الشباب على ما تحتويه البلاد، وأن يسافروا داخلها أولا قبل أن يفكروا في السفر خارجها، وكانت المدارس الحكومية في الماضي تقوم بمثل تلك الرحلات المدرسية لتلك الأماكن لتعريف التلاميذ بآثارهم وتراثهم وتاريخهم".

 ودعا خبير شؤون التراث إلى "ضرورة تغيير النظرة إلى الآثار التي تقتصر على الأهرامات وأبو الهول والمعابد الفرعونية القديمة في جنوب مصر.. هناك القاهرة التاريخية الفاطمية، والقبطية والقاهرة الخديوية، والتي تضم مقابر ومساجد ومنازل وقصورا لشخصيات ورموز مصرية كبيرة".

 مقاومة التخريب

وطالبت جمعية المعماريين المصريين وعدد من أعضاء نقابات مهنية والجمعيات العلمية بإنقاذ منطقة مقابر القاهرة التاريخية من "أعمال الهدم التخريبية".

وأشارت الجمعية، في بيان لها، إلى أن المقابر التاريخية تتعرض لما وصفته بـ"تدمير شامل لم تشهده خلال 14 قرنًا، ولا خلال أي من فترات الاحتلال الأجنبي"، ونبهت إلى القيمة التراثية للمنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي.

وأشار البيان إلى أن "مثل هذه المناطق تحميها قوانين عالمية ومحلية، واكتسبت قيمتها بمن ضمته في ثراها من أجيال متعاقبة من أبناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته، ومن ساهموا في نهضة هذا البلد الثقافية والحضارية”.

وتكتسب هذه المقابر قيمتها التاريخية والتراثية، بحسب البيان، لما لها من نسيج عمراني متميز ارتبط بمدنية العصور الوسطى، وكذلك بمن ضمتهم في ثراها، من أجيال متعاقبة من أبناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته ورموزه، ممن ساهموا في نهضة مصر من علماء وحكام وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء.
شارك
التعليقات